إن مراقبة الجروح الجراحية بعد العملية الجراحية تعد خطوة مهمة لمنع العدوى وانفصال الجرح والمضاعفات الأخرى.
ومع ذلك، عندما يكون موقع الجراحة عميقًا في الجسم، فإن المراقبة تقتصر عادةً على الملاحظات السريرية أو التحقيقات الإشعاعية المكلفة التي غالبًا ما تفشل في اكتشاف المضاعفات قبل أن تصبح مهددة للحياة.
يمكن زرع أجهزة استشعار حيوية إلكترونية صلبة في الجسم للمراقبة المستمرة، ولكنها قد لا تتكامل بشكل جيد مع أنسجة الجروح الحساسة.
من أجل اكتشاف مضاعفات الجروح فور حدوثها، اخترع فريق من الباحثين بقيادة الأستاذ المساعد جون هو من قسم الهندسة الكهربائية والحاسوبية في الجامعة الوطنية في سنغافورة، بالإضافة إلى معهد الابتكار والتكنولوجيا الصحية في الجامعة نفسها، خيوطًا ذكية لا تحتاج إلى بطارية ويمكنها استشعار المعلومات ونقلها لاسلكيًا من مواقع الجراحة العميقة.
تتضمن هذه الخيوط الجراحية الذكية مستشعرًا إلكترونيًا صغيرًا يمكنه مراقبة سلامة الجرح وتسرب المعدة والحركات الدقيقة للأنسجة، مع توفير نتائج شفاء تعادل الخيوط الجراحية الطبية.
وقد تم نشر هذا الاختراق البحثي لأول مرة في المجلة العلميةهندسة الطب الحيوي الطبيعيفي 15 أكتوبر 2021.
كيف تعمل الخيوط الذكية؟
يتكون اختراع فريق جامعة سنغافورة الوطنية من ثلاثة مكونات رئيسية: خيوط حريرية طبية مطلية ببوليمر موصل للسماح لها بالاستجابةإشارات لاسلكية؛ مستشعر إلكتروني بدون بطارية؛ وقارئ لاسلكي يستخدم لتشغيل الخيوط الجراحية من خارج الجسم.
من مزايا هذه الخيوط الجراحية الذكية أنها لا تتطلب سوى تعديل بسيط للإجراء الجراحي التقليدي. أثناء خياطة الجرح، يُمرَّر الجزء العازل من الخيط عبر الوحدة الإلكترونية، ويُثبَّت بطبقة من السيليكون الطبي على نقاط التلامس الكهربائية.
ثم تعمل الغرزة الجراحية بأكملها كـتحديد الترددات الراديويةيمكن قراءة علامة (RFID) بواسطة قارئ خارجي، يرسل إشارة إلى الخيط الذكي ويرصد الإشارة المنعكسة. يشير أي تغيير في تردد الإشارة المنعكسة إلى احتمال حدوث مضاعفات جراحية في موضع الجرح.
يمكن قراءة الخيوط الجراحية الذكية حتى عمق 50 ملم، اعتمادًا على طول الغرز المعنية، ومن الممكن تمديد العمق بشكل أكبر عن طريق زيادة توصيل الخيوط الجراحية أو حساسية القارئ اللاسلكي.
على غرار الخيوط الجراحية والمشابك والدبابيس الموجودة، يمكن إزالة الخيوط الذكية بعد العملية الجراحية من خلال إجراء جراحي أو تنظيري طفيف التوغل عندما يمر خطر حدوث المضاعفات.
الكشف المبكر عن مضاعفات الجروح
ولكشف أنواع مختلفة من المضاعفات، مثل تسرب المعدة والعدوى، قام فريق البحث بتغليف المستشعر بأنواع مختلفة من هلام البوليمر.
تستطيع الخيوط الذكية أيضًا اكتشاف تمزقها أو انفكاكها، على سبيل المثال، أثناء انفتاق الجرح. في حال تمزق الخيط، يلتقط القارئ الخارجي إشارة منخفضة بسبب تقلص طول الهوائي الذي تُشكّله الخيوط الذكية، مما يُنبّه الطبيب المعالج لاتخاذ الإجراء اللازم.
نتائج شفاء جيدة وآمنة للاستخدام السريري
وفي التجارب، أظهر الفريق أن الجروح التي تم إغلاقها بواسطة الخيوط الذكية والخيوط الحريرية الطبية غير المعدلة، تلتئم بشكل طبيعي دون اختلافات كبيرة، حيث توفر الأولى فائدة إضافية تتمثل في الاستشعار اللاسلكي.
كما قام الفريق باختبار الخيوط الجراحية المغلفة بالبوليمر ووجد أن قوتها وسميتها الحيوية للجسم لا يمكن تمييزها عن الخيوط الجراحية العادية، كما تأكدوا من أن مستويات الطاقة اللازمة لتشغيل النظام آمنة لجسم الإنسان.
قال البروفيسور المساعد هو: "في الوقت الحالي، غالبًا ما لا تُكتشف مضاعفات ما بعد الجراحة إلا بعد ظهور أعراض جهازية على المريض، مثل الألم والحمى وارتفاع معدل ضربات القلب. يمكن استخدام هذه الخيوط الجراحية الذكية كأداة تنبيه مبكر تُمكّن الأطباء من التدخل قبل أن تُصبح المضاعفات مُهددة للحياة، مما يُقلل من معدلات إعادة الجراحة، ويُسرع التعافي، ويُحسّن نتائج المرضى".
مزيد من التطوير
في المستقبل، يتطلع الفريق إلى تطوير قارئ لاسلكي محمول ليحل محل النظام المستخدم حاليًا لقراءة الخيوط الجراحية الذكية لاسلكيًا، مما يتيح مراقبة المضاعفات حتى خارج نطاق العيادات. قد يُمكّن هذا المرضى من مغادرة المستشفى مبكرًا بعد الجراحة.
يعمل الفريق حاليًا مع الجراحين ومُصنّعي الأجهزة الطبية لتكييف الخيوط الجراحية للكشف عن نزيف الجروح وتسربها بعد جراحات الجهاز الهضمي. كما يتطلعون إلى زيادة عمق الخيوط الجراحية، مما يُتيح مراقبة الأعضاء والأنسجة العميقة.
مقدم منالجامعة الوطنية في سنغافورة
وقت النشر: ١٢ يوليو ٢٠٢٢